30‏/6‏/2008

د. أسامة الغزالي حرب في حوار ل الراية :


الجبهة الديمقراطية .. حزب الفقراء والصامتين في مصر
د. أسامة الغزالي حرب في حوار ل الراية


نحن أقوي حزب جماهيري.. وترشيحي لرئاسة الجمهورية سابق لأوانه *
للأسف لا توجد ديمقراطية حقيقية.. والأمن نجح في زرع الانشقاقات بالأحزاب *
:القاهرة- الراية- مني سعيد

هو قيادي سابق بالحزب الوطني الحاكم، وكان شريكا اساسيا في صناعة امانة السياسات وصياغة ما يسمي بالفكر الجديد، به لكنه تركه في عام 2005 اعتراضا علي تعديل المادة 76 من الدستور، الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية وتبني حينها تفسير المعارضة للتعديل والذي استند إلي انه احتوي شروطاً تعجيزية لا تسمح سوي لمرشح الحزب الحاكم بخوض الانتخابات علي المنصب الأرفع في مصر. والاهم من ذلك كله هو واحد من أبرز وألمع المفكرين السياسيين في مصر وقد تولي مؤخرا رئاسة حزب الجبهة الديقراطية بعد فترة من الصراعات والنزعات الداخلية التي تفجرت اثر استقالة الدكتور يحيي الجمل اول رئيس للحزب قبل بضعة اشهر.
وفي حوار إلي الراية نفي الغزالي وجود انشقاقات أو جبهات داخل الحزب، وأعرب عن تفاؤله بمستقبله وقدرته علي التواصل الجماهيري بعيدا عن الأجندات المستهلكة، وقال رغم أن عمر الحزب حديث الا انه تمكن من التمدد والحضور بقوة في 10 محافظات، ورفع من رصيد عضويته خاصة من الشباب، الامر الذي جعله رقما مهما في المعادلة الحزبية والسياسية داخل مصر.
وتطرق الغزالي في الحوار إلي التجربة الحزبية المصرية التي مضي عليها الان نحو ثلاثين عاما والي مفردات عديدة في الواقع السياسي المصري فإلي نص هذا الحوار..
هل نجحت الحياة الحزبية في مصر؟ #
- للأسف لا توجد ديمقراطية حقيقية وذلك يعود لعدة أسباب، أهمها الاختراق الأمني للأحزاب والأجهزة الأمنية أصبحت تتحكم في خلق الفتن والانشقاقات في الأحزاب جميعها، حتي لايري المواطن غير الحزب الوطني الحاكم. فالأمن استطاع بنجاح اختراق معظم المؤسسات بما فيها الإعلام والصحافة والأحزاب، حتي بعض النقابات المهنية لم تسلم من الأمن.
ولا نعرف ما يحدث في مصر التي تشهد أسوأ فترة في تاريخها السياسي واستطيع القول ان مصر خلال ال52 عاماً الأخيرة تراجعت للخلف 200 سنة وتلك كارثة في حد ذاتها لن يكون بوسعنا ان تجاوزها الا عبر جهد يبذله كافة من في الوطن كله وليس فصيلا سياسيا محددا أو حزبا بعينه.
وهناك دول أوروبية مثل إسبانيا بدأت تجربتها الديمقراطية والحزبية معنا وبها 114 حزبا فالقضية ليست في الأرقام، ولكنها تعود بالدرجة الاولي إلي البرامج.
ولماذا تتهم الأمن بالسيطرة علي مجريات الأمور في مصر؟ #
- لقد أعطي النظام للأجهزة الأمنية سلطات مطلقة غير محدودة وأصبحت جميع الأمور أو معظمها تتم بمعرفة الأمن أو علي الاقل يكون أحد أطرافها، فتعيين الوزراء وأساتذة الجامعات والعمد والخفر تتم بموافقة الجهات الأمنية وهذا في رأيي أهم الأسباب في الانهيار الذي يحدث وحدث بالفعل في المؤسسات المختلفة بالدولة.
لماذا طالبت بإعادة كتابة الدستور وليس تعديله كما تطالب الأحزاب الأخري؟ #
- نحن نطالب بتحويل البلد من نظام سلطوي غير ديمقراطي إلي نظام ديمقراطي، وهذا يتطلب إعادة كتابة الدستور وليس تعديله بنظام القطع أو الترقيع ولهذا طالبنا القوي السياسية من مختلف الفصائل بتكوين جبهة وطنية تعيد كتابة الدستور مرة أخري، ليتواكب مع المتطلبات والمتغيرات العالمية والمحلية، واعتقد أنه لو طرح الدستور الديمقراطي سوف يوافق عليه الشعب وأحزابه لأنه سيحقق الآمال المطلوبة.
ما مدي تأثير تغيير النظام السياسي علي المواطن العادي واحتياجاته ؟ #
- النظام السياسي من سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية وهو العقل المحرك لجميع الأنظمة الاقتصادية والإدارية كما أن التغيير لن يأتي بسهولة نظرا لوجود مجموعة من المستفيدين من الوضع الحالي.
# هل تحتاج مصر لأحزاب جديدة ؟
- للأسف لا توجد أي أحزاب فاعلة بالوسط السياسي الآن فالحزب الوطني هو حزب الحكومة وبذلك يفقد هويته السياسية فلا يجوز تمثيل الحكومة في حزب سياسي. ضرورة وجود دعم داخلي للأحزاب ودعم شعبي للاستمرار والعمل لصالح الوطن.
# وماذا سيضيف حزب الجبهة الديمقراطية للحياة السياسية ؟
- هو كيان سياسي قوي جديد يساهم في الحياة السياسية، كما نأمل تمثيل ال77 % المتغيبين عن الانتخابات السابقة والحيلولة دون التدخل الامني لإجهاض الجهود المبذولة من الحزب فالحزب هو عبارة عن وحدة من الوحدات المكونة للنظام السياسي بأي دولة وأدائه الجيد يعبر عن جودة الأداء السياسي.
# هل تعتقد أن الاوضاع الحاليةستزيد من النكبات والهزائم ؟
- أعتقد ان هناك علاقة أساسية بين غياب الديمقراطية والنكبات.. وأهم سبب في اعتقادي لإخفاقنا كمجتمعات وكدول وشعوب في مواجهة الأعداء ومواجهة الآخرين هو افتقادنا للديمقراطية.. فالديمقراطية هي التي تضمن ان يكون الشعب قويا وأن تكون الدولة جاهزة لتكون الأفضل.. الديمقراطية هي التي تضمن أن يقود العمل الوطني أفضل العناصر وأن تكون هناك رقابة منتظمة ضد الفساد.
# تقصد أن المستقبل مرهون بالديمقراطية ؟!
- أكيد.. لا مستقبل بلا ديمقراطية وليس من قبيل المصادفة أنه عقب كل انتكاسة أو مصيبة نمر بها بها في مصر نكتشف أن السبب هو افتقاد الديمقراطية.. حدث ذلك بعد كارثة 1967، وحدث في كامب ديفيد.. باختصار كلما مرت بلادنا بأزمة نكتشف أن النظام اللاديمقراطي أهم أسباب الهزيمة فهو الذي يؤدي إلي زيادة الأوضاع سوءا ويسهل مهمة العدو في التفوق علينا.
# بعد رئاستك لحزب الجبهة الديمقراطية إلي أين يتجه الحزب ؟
- حزب الجبهة مختلف عن الاحزاب الموجودة في الشارع السياسي لا شك في ذلك وقد ولد حزبنا استجابة لحاجة حقيقية لوجود حزب ليبرالي وفاصل بين اليسار والاحزاب الرسمية الانتهازية والاحزاب الدينية فحزب الجبهة تعبير عن تيار واسع من الشعب المصري. وقد رأيتم كيف ان الجماهير من جميع المحافظات بالآلاف في مشهد لم يحدث في أي حزب سياسي من قبل بعد اقل من تسعة اشهر من انشائه لانه يمتلك من المقومات ما لا يمتلكه اي حزب اخر وتشارك فيه مختلف تيارات الشعب المصري.
# وماذا عن تمثيل الاقباط داخل الحزب؟
- هذا يدل علي المنافسة السياسية الحقيقية فهناك سيدة مسيحية تمارس السياسة بشكل رائع هي مارجريت عازر الامين العام للحزب وكذلك سامح انطون نائب الرئيس وغيره من الزملاء الاقباط فالحزب يرحب بكل من ينضم اليه. ويجد قدرة علي العمل السياسي الجاد.
# وماذا عن الإخوان المسلمون ؟
- لا شك أنني اختلف معهم ولكن هم بالتأكيد حركة موجودة بين الناس ولا يستطيع أحد إنكار وجودها علي الرغم من الحظر المفروض عليها، فهي كيان سياسي ولكن الدولة لا تعترف بها وهذا خطأ كبير، وعندما شرعت في تأسيس حزب الجبهة الديمقراطية لا استطيع إنكار الإخوان أو الأحزاب سواء كانت شرعية أو تحت التأسيس فالعمل السياسي يتطلب الاجتماعات والجلوس مع جميع الفصائل خاصة إذا كانت لها شعبية مثل الإخوان الذين استطاعوا الوصول إلي البرلمان ب88 مقعدا في ظل الحظر المفروض عليهم.
# وما تقييمك لحجمهم وقوتهم؟
- بصرف النظر عن الاجتهادات حول تقييم الوزن الحقيقي للإخوان المسلمين فالمؤكد أنهم قوة فاعلة في الحياة السياسية المصرية.. وقوة نشيطة لها تأثير وسط قطاعات من الشعب المصري ويقدمون أنفسهم باعتبارهم طرفا يختلف عن الحزب الوطني من حيث مواجهة الفساد والنقاء والاستعداد المعلن للالتزام بالديمقراطية.. طبعا هذه أشياء حتي الآن علي الصعيد النظري وليس أمامنا سوي قبولها.. أما ما سوف يترتب علي هذا من تغييرات سياسية أو ما سيفعله الإخوان فيما بعد فهذا يترك للزمن.
# فترة وجودهم بالبرلمان ألم تكشف عن نواياهم تجاه الديمقراطية؟
- لا أستطيع أن أقول إن هناك ممارسات فجأة توحي بسلوك غير ديمقراطي للإخوان.. هذا سابق لأوانه.. وكل الاحتمالات مفتوحة.. لكن حتي الآن هم يمارسون دورهم بشكل معقول في البرلمان يناقشون وينتقدون ويكشفون الفساد وسوء استغلال النفوذ وهذا شيء إيجابي.
# وما تعليقكم علي من يطعنون في نتيجة الانتخابات للحزب؟
- الانتخابات شرعية وهناك رقابة من منظمات حقوق الانسان وبحضور علني لوسائل الاعلام.
# وهل تعتزم الترشح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة 2011؟
- هذا كلام سابق لاوانه.. والمادة 76 تشترط ان يمر خمس سنوات علي اي حزب يقدم مرشحا للرئاسة وسوف نناضل من اجل تعديل هذه المادة والدستور نفسه لا يحقق اي مطلب ديمقراطي ولذلك وجب تغييره.
# وماذا عن الحوار مع الحزب الوطني رغم خلافكم السابق معه؟
- لن نحاور الحزب الوطني منفردين ولو دعينا لاي حوار، فلن نذهب اليه الا بعد اخذ رأي احزاب المعارضة.. ونحن لدينا ائتلاف مع الوفد والتجمع والناصري.. ولكننا في الواقع لا نعول علي هذا الائتلاف لان الطريقة التي يدار بها ضعيفة.
# وهل تم عقد ائتلاف مع هذه الاحزاب بموافقة اعضاء الحزب؟
- قرار المشاركة في ائتلاف المعارضة تم بقرار من المكتب السياسي للحزب وأي خطوة لا اقوم بها قبل الرجوع لمؤسسات الحزب.
# لماذا لم تختاروا د. يحيي الجمل زعيما للحزب مثل خالد محيي الدين في التجمع؟
- نحن نختلف عن اي حزب اخر.. والدكتور يحيي الجمل استقال من رئاسة الحزب بارادته ولكنه سيظل معنا.
# سبق وأن وجه انور السادات اتهامات لشقيقك يحيي الغزالي في النيابة ماذا عن ذلك؟
- شقيقي هو الذي جمد نشاطه داخل الحزب، وقد اختار الا يعود اليه،منعا لأي حساسيات وقد شعر ان دوره انتهي داخل الحزب.
# ما هي أهداف الحزب وسياسته في الفترة القادمة؟
- حزب الجبهة الديمقراطية هو حزب مصري قائم علي المبادئ الليبرالية لإيماننا التام بمبدأ التعددية الفكرية والدينية والسياسية فهذه هي احد أنماط الديمقراطية في حرية اتخاذ النمط السياسي في سبيل التطوير ولا شك إن السبيل الوحيد لاستمرارية الحزب هو وجود قاعدة شعبية من الشباب المتحمس الواعي والقادر علي قيادة الحزب للمستقبل.. لذلك وضعنا رؤيتنا وأهدافنا علي هذا الأساس فمثلا رؤية الحزب هي صناعة شباب مؤمن بنفسه قادر علي التغيير والإصلاح. ومعالجة المشاكل الرئيسية للشباب المصري من منطلق المشاركة الاٍيجابية عن طريق التعرف علي تلك المشاكل ووضع الآليات لحلها ونشر رؤية وأهداف ومبادئ الحزب في مجتمع الشباب.
# زيادة الأسعار ألهبت الشارع المصري.. ما الدور الذي تلعبه الاحزاب تجاه ذلك؟
- توجد هناك 27 دولة نامية من بينها مصر تتعرض لمشكلة كارثية ؛ وهو ما أكده تحذير مدير البنك الدولي روبرت زوليك من تضاعف أسعار الغذاء التي ستزيد من معدلات الفقر. ولذلك يجب أن تلعب الحكومة المصرية دوراً جماعياً مع بقية الدول المهددة لأن المشكلة أكبر من أن يتصدي لها الحزب الوطني فقط أو الاحزاب الاخري لأنها تهدد مصر كلها وليس حزب بعينه.
# هل توافق علي ظاهرة الاضراب من خلال الانترنت؟
- إن الحزب انطلاقاْ من مبادئه الديمقراطية والليبرالية يؤيد بلا أي تحفظ حق كل شاب مصري ؛ وكل مواطن مصري، في أن يعبر عن رأيه السياسي، بما في ذلك سعيه إلي حشد الدعم والتأييد لهذا الرأي، طالما أن ذلك يتم وفقا للدستور والقانون، وملتزماً بالمنهج السلمي ويعتبر هذا التوجه الجديد لدي أعداد كبيرة من الشباب المصري بمن فيهم شباب الحزب للتعبير الحر عن أرائهم، من خلال مواقع الإنترنت، هو من أفضل الظواهر السياسية التي تعرفها مصر اليوم علي الاطلاق، والتي تجسد تخلي هذا الشباب عن سلبيتة، وسعيه إلي المشاركة والتعبير الحر عن آلامه وأماله، خاصة بعد ما أغلقت أمامه قنوات التعبير الشرعي في الجامعات والمعاهد والمدارس.
# كيف جرت انتخابات المحليات الاخيرة؟
لقد قدمت انتخابات المجالس المحلية دليلا دامغا آخر علي إصرار النظام السياسي الراهن في مصر علي المراوغة في تنفيذ أي إصلاح سياسي حقيقي، والاستهانة بكافة المطالب والضغوط الشعبية من أجل الديمقراطية، والإصرار علي احتكار السلطة السياسية وإقصاء كافة القوي السياسية الأخري.. كما أكدت الانتخابات حقيقة أن انصراف ملايين المصريين عن إداء واجبهم الانتخابي إنما هو نتيجة لفقدانهم الثقة في جديتها وتيقنهم من العبث والصورية التي تجري بها.
# هل سيكون هناك مشاركة مع الأحزاب الليبرالية الأخري وتشكيل فصيل قوي أم إن الحزب سيقوم بالتفرد بخطواته ومحاولة إثبات وجوده؟
- لا شك إن الحزب في حاجة إلي أثبات وجوده خاصة في تلك المرحلة ونحن ألان بصدد تدعيم الحزب بهامش كبير من الشباب وتدريبه ليكون قادراً علي قيادة الحزب مستقبلا وبالفعل نحن في مواجهة تيارات قوية ولكن هدف من أهداف الحزب أن يكون هو البديل الثالث في مصر ل 77 % من شعب مصر الذين عبروا عن رأيهم بعد الإدلاء بالأصوات سواء في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية أو الانتخابات السابقة وقرر الحزب أن يكون لسان حال هؤلاء الطبقة. من أبناء مصر ونحن كحزب لا نسعي لضرب أو مواجهة أي من الحركات بل عندنا الاستعداد الدائم للمشاركة مع كل الفصائل السياسية سواء لبيرالي أو غيرهم واقصد بذلك انه لكل حزب أهدافه وسياسته التي يجب تدعيمها بالربط مع كل الأحزاب أو الفصائل الاخري سواء توافقت الرؤية أو اختلفت.
# من هم القيادات السياسية البارزة بحزب الجبهة الديمقراطية ؟
- هناك خالد قنديل، محمد منصور، محمد أنور السادات، الدكتور علي السلمي ومن الشخصيات العامة أسامة أنور عكاشة وسكينة فؤاد، د محمد غنيم وكما افخر بهذه الأسماء فأنني افخر تماما بالشباب الموجود بالحزب والذي اثبت فاعلية سياسية منقطعة النظير كما يعمل جاهدا لبناء حزب قوي.
# هل تعتقد أن حزب الجبهة يحمل املا بتغيير الواقع السياسي؟
- أولا من حق ومن واجب أي رئيس حزب وأي قيادة أن تحلم وأن تقدم نفسها كبديل وأنا وزملائي مثل الآخرين نقدر ونتمني أن يكون حزبنا فاعلا وقويا في الحياة السياسية المصرية، وثانيا بالنسبة للحزب الذي أرأسه هو حزب في مرحلة البناء وكل ما نستطيع قوله هو أننا ننوي أن يكون هناك حزب يتعاون فيه الشباب والرجال المخلصين الذين يؤمنون بالتطوير الديمقراطي في مصر.. ونعمل الأن علي بناء مؤسسي ديمقراطي يليق بمصر القرن الواحد والعشرين ويختلف في بنائه وهياكله وسياساته وعلاقة قواعده بقياداته عن الأحزاب الموجودة وبالتالي أنا عندي أمل أن نفلح في أن نقدم شيئا مختلفا وأعتقد أننا أول حزب يمكنه أن يتفاعل مع الظروف القائمة بالفعل وحاجة الشارع المصري لحزب يحتويه.. حزب يقوم علي أساس علمي يختلف عن الجميع وأتصور أن الظروف مناسبة.
# وهل لديك أمل في الأحزاب السياسية المصرية؟
- ليس لدي أمل فيها ولكن المشكلة أن الأحزاب جزء لا يتجزأ من العملية الديمقراطية والعملية التعددية وهي تشبه المياة للأسماك.. والذي حدث أن التجربة الحزبية التي تعيشها الأن مصر ولدت سنة 1976 بقرار مباشر من الرئيس السادات وأصبحت بمقتضاها المنابر الموجودة أيام الأتحاد الأشتراكي أحزابا.. الطامة الكبري أن هذه الأحزاب لم يتوافر لها الحد الأدني من المناخ الديمقراطي الحقيقي.
# بمعني؟
- المناخ التشريعي والقانوني والمناخ السياسي العام.. الذي يسمح لهذه الأحزاب أن تعمل وتبني نفسها وتزدهر.. فضلا عن وجود عيون كامنة في هذه الأحزاب في هياكلها الأصلية منذ البداية وبالتالي بعد 30 سنة من بداية الحياة الحزبية لم نجد أمامنا أحزابا لأن هي من الأساس لا تمتلك مقومات ذاتية قوية ولا كان المناخ الذي ولدت فيه ومارست فيه نشاطها مناخا ديمقراطيا.. وبالتالي طبيعي جدا أن تؤدي هذه الأوضاع إلي ضعف وتأكل الحياة الحزبية والتي ظهرت بوضوح في اللانتخابات التشريعية الأخيرة.
# ما سبب ارتباط الإخوان بالحزب؟ وهل توجد صفقة بين الحزب والإخوان ؟
- لا يوجد أي ارتباط بالحزب كما لا يوجد أعضاء من الإخوان بالحزب نظرا لاختلاف الإيديولوجيات ولكن هناك اعترافاً من الحزب بوجود الإخوان المسلمين علي الساحة السياسية وضرورة الاعتراف بهم وشرعيتهم كأي حركة سياسية أو حزب آخر. كما لا توجد أي صفقة بين الحزب والإخوان وتم دعوتهم لمؤتمرات الحزب كأي جهة سياسية أخري تم دعوتها للمؤتمر التأسيسي فقد تم دعوة الأحزاب الأخري.
# تراهن امريكا علي أن المستقبل القادم سيصبح لليبرالية خاصة بعد فشل الديمقراطية في الشرق الأوسط وافرزت كما رأينا في فلسطين (حماس) ومصر (88 مقعداً للإخوان في مجلس الشعب) ومؤخرا في تركيا (حزب العدالة والتنمية) ما تعليقك؟ وهل تتوقع ان يعاني الحزب أمنيا في حالة توسعه الأفقي مثلما حدث مع جماعة الإخوان في مصر؟
- لا ننكر جميعا المصالح الأمريكية في المنطقة ومحاولاتها للوصول إلي الهيمنة السياسية الكاملة من أجل تنفيذ مصالحها أما بخصوص الرهان فمهما كان يوجد أو لا يوجد أو حتي تم تغيره فسيظل الحزب ليبراليا حتي النخاع وسنظل نعمل علي نفس السياسة وبنفس الأهداف ولا نأبه لأي من الضغوط بل نحاول أن نبرز عملنا ولا مانع عندنا بان يحكم الإسلاميون مصر إذا جاءوا بانتخابات شرعية نزيهة فذلك يعني أن الشعب هو الذي أتي بهم بعيدا عن الصناديق المغلقة أو الانتخابات المزورة.. أما بخصوص الصراعات الامنية نتمني ألا يصل الأمر إلي هذا الحد فنحن حزب شرعي حصل علي موافقة شرعية من لجنة شئون الأحزاب.
# لو أن الجماهير هدفكم أنتم إذن ستصبحون منافسين للوطني وهنا مكمن الخطورة علي الحزب !!
- لا.. إطلاقا.. مصر تحتمل 7 أو 8 أحزاب قوية.. ومصر بلد كبير تعداده يقارب بلدان بها عشرات الأحزاب.. فلا يمكن القول بأن الحزب الوطني هو الذي يحتكر هذا التمثيل، يجب أن نلاحظ أنه في الانتخابات البرلمانية السابقة لم يذهب 23% من المسجلين أما ال77% فقد أحجموا عن هذه المشاركة.. حزبنا أتي ليمثل ال77% وليس مصادفة أن يكون شعارنا يشبه رقم 77 ليكون دلالة رمزية علي أننا نسعي لتمثيل هذه الفئات التي أحجمت عن المشاركة.. هؤلاء هم من نريدهم أن يشاركونا.
# ما هي رؤيتكم حول تعريف الأمن القومي في ظل المتغيرات الجديدة بالمنطقة؟
- كلمة الأمن القومي تعرضت لنوع من الابتزال في الاستخدام بحيث ان كل شيء نريد أن نثبت أهميته نطلق عليها أنه مسألة أمن قومي، وحدث نوع من المبالغة في هذا، وهناك أشياء من الصحيح أن نربطها بالأمن القومي وبهذا المعني قطعاً التعليم يؤثر علي الأمن القومي، والاقتصاد يؤثر علي الأمن القومي، والقوي العسكرية والثقافة والظروف الاجتماعية كلها تؤثر علي الأمن القومي، إنما بشكل عام قضايا الأمن القومي ترتبط بكافة القضايا التي ترتبط بالحفاظ علي أمن الوطن وعلي سلامته وأيضاً تحافظ علي ازدهاره وقوته، كل ما يؤدي إلي ذلك فهو يدعم الأمن القومي، وكل ما يناقض ذلك يقلص من الأمن القومي، وأبسط الضمانات لتحقيق الأمن القومي لأي دولة ولأي مجتمع هو أن تكون لديه قوة عسكرية يمكنها الدفاع عن هذا البلد وبالتالي يمكن أن نعرفه بأنه كل ما يساهم في الحفاظ علي قوة البلد وازدهاره، وهناك أشياء ترتبط ارتباطاً مباشراً، مثلاً يجب أن تكون القوة العسكرية قادرة علي ردع الأعداء، ولا تستطيع أن تقول إنه لدينا أمن بغير أن تكون قادراً علي مواجهة العدو، لأنه إذا كنت ضعيفاً عسكرياً ويستطيع أي طرف خارجي أن يغزو البلد وأن يحتل أرضاً وأن يقتل أبناءه وأن يعرض حياتهم للخطر.
فقطعاً لا تستطيع أن تقول لدينا أمن قومي، وحتي تدعم الأمن يجب أن يكون لديك قوة عسكرية رادعة قادرة علي هذا الدفاع.
# ما أثبتته المقاومة اللبنانية في الحرب الإسرائيلية من بسالة وصمود خلق حالة من الاعتقاد لدي البعض بأن المقاومة يمكن ان تكون بديلاً للجيش النظامي فما رؤيتكم لهذا الاعتقاد؟!
- هذا غير صحيح، فالمقاومة شيء والجيوش شيء آخر، ويجب أن نمتلك القدرة والبصيرة التي تمكننا من ان نري الأمور كما هي، فقضية المقاومة لا يمكن ان نقول ان أية قوات للمقاومة بمعني قواعد غير نظامية تتبع أساليب غير تقليدية، مثل حرب العصابات تحل محل الجيوش، فهذا شيء وهذا شيء آخر، المقاومة التي تقودها الشعوب ضد الجيوش النظامية ظاهرة موجودة منذ فجر التاريخ، بشكل عام التاريخ العسكري والسياسي دائماً اتسم بالقدرات الخاصة التي يمكن ان تكتسبها القوات غير النظامية في مواجهة الجيوش النظامية، فعلي سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية لم تفلح في القضاء علي المقاومة في فيتنام وهي أكبر قوة عسكرية في العالم ورغم ذلك قوات حرب العصابات في فيتنام أذلت الولايات المتحدة الأمريكية، ونفس الشيء ينطبق علي فرنسا في الجزائر وكذلك ما حدث للاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ولكن هذا ليس معناه أن هناك تفوقاً استراتيجياً للمقاومة علي الجيوش النظامية، فهما شيئان مختلفان تماماً، فالقاعدة أنه ليس في استطاعة أي جيش نظامي يتغلب علي مقاومة غير نظامية، والقاعدة الثانية ليس هذا معناه من الناحية الاستراتيجية أن القوات غير النظامية تنتصر علي القوات النظامية ولكن هي تمنعها من تحقيق أهدافها وتفشل في أن تقضي عليها، والانتصار هنا أن المقاومة ترغم الجيش النظامي علي عدم تحقيق الأهداف وليس الانتصار بأن تسحقه أو تقضي علي قوته، وبهذا المعني القوات غير النظامية لحزب الله حققت انتصاراً علي اسرائيل .
# وهل حققت معاهدات السلام مع إسرائيل في ظل الاستراتيجية الأمنية الحالية السلام الذي كنا نهدف إليه؟!
- هناك أكثر من مغزي في الجولة السادسة للصراع العربي الإسرائيلي، وأكثر ما كشفت عنه هذه الجولة هو أن عملية السلام العربية الإسرائيلية كانت عملية تحمل نقيضها في داخلها منذ اللحظة الأولي، وأنا شخصياً ربما كنت من الذين رأوا أن عملية السلام بدأت بصورة أفضل مما آلت اليه، وأعتقد الآن أن أولئك الذين تشككوا في هذه العملية منذ اللحظة الأولي كانت لديهم حجج قوية حقيقية، بمعني أنه قطعاً تمت عملية السلام وتم انجاز لا يمكن انكاره بالنسبة لمصر، ولاشك ان مصر في مقابل حرب أكتوبر حصلت علي كل شبر من أرضها وما حدث في طابا يثبت هذا، ولاشك ايضاً أن الأردن حصل علي تسوية في حدود ظروفه مع اسرائيل، وكذلك الفلسطينيون حصلوا في أوسلو علي بعض المكاسب اقلها عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلي الأرض الفلسطينية وحصلت علي مواقعها، ويبدو أن الطابع الجزئي المرحلي الذي ميز استراتيجية بناء السلام كان سبباً أساسياً لئلا تكتمل هذه العملية وأن تتعرض فعلاً للفشل بل الانهيار كما يحدث هذه الأيام، بمعني أنه منذ اللحظة الأولي التي بادرت فيها مصر بالسلام مع إسرائيل ثار جدال في الوطن العربي والآن وبعد 27 عاماً من توقيع معاهدة كامب ديفيد نشعر ان عملية السلام غير مكتملة وغير محددة .
# كيف تري العلاقات العربية العربية وعلاقة العرب بالعالم في ظل استراتيجية أمنية جديدة؟
- أنا من الذين يؤمنون بحتمية وجود دور فاعل لمصر عربياً واقليمياً ودولياً، ومصر دولة لها دور ومصر كانت وسيظل بلداً له دور ربما يبدو أحياناً اكبر من امكانياته، وعندما تؤدي مصر دورها الريادي عربياً واسلامياً ودولياً تزدهر ولا يمكن ان تقوم مصر بهذا الدور وهي ضعيفة، ولا أدعي أنني أقود العالم العربي وأنا ضعيف، ولدي انهيار في المقومات الأساسية الداخلية، وفي الحقيقة يجب ان ننطلق من القوة الداخلية لكي نلعب دوراً شهيراً لا يمكن لأحد ان يلعبه.